الأحد، 10 فبراير 2013

له، ليس بخطأ... و لها، يصبح "خطيئة"!

 
و يسيل الدماء من رأسها... كأنه ماء... كأنه لا شيء. لا يحرك ساكناً في مشاعرهم، بينما هم جميعهم يتابعون المشهد في صمت.
تأكل نصيبها من الضرب المبرح: لخطئ لم ترتكبه؛ ل"غلطة" ليست بغلطة؛ لشيء صنّفه العرب بممنوع على إناثهم و مسموح لذكورهم؛ لقيمة إنسانية سامية جميلة مبهجة، لطالما أوجدها الخالق في غريزتنا فلا نستطيع تجنبها... خلقها بنا الخالق فأباحها، ثم استحى منها عباده فحرّموها!
تأكل نصيبها من الضرب المتوحش، لشيء أقره "الذكر العربي" باسم المجتمع وأخلاقياته بأنه جالب للعار و السمعة السيئة. تأكل نصيبها فاطمة، الثامنة عشر من العمر، من الضرب المتوحش على أيدي أخيها الأصغر منها سناً... لأنها تحب.
الحب.
سيناريو عربي بامتياز. سيناريو ليس بالجديد. ليس بالغريب، بل اعتادته آذاننا حتى بات النمط "المتنمط" المألوف المعتاد عند العرب. أصبح ذلك الشيء العادي... الطبيعي. أصبح عادة... تقليدٌ من التقاليد... من العرف ربما...
الحب يساوي ارتكاب الخطأ الفادح الذي لا و لم و لن يغفر أبداً... أبداً.
في أي عائلة عربية، من خلفية علمية و معيشية متواضعة، متأصلة و متمسكة بعادات أجدادها و تقاليد مجتمعها، غالباً ما نسمع عن قصص ضرب الأب لابنته أو الأخ لأخته. بعبارة أخرى، ضرب آدم لحواء، لمجرد أنها أحبت شخصاً حباً صادقاً عذرياً لا خطأ فيه و لا اختراق لأي قانون أو أخلاقيات أو معتقدات...
دعوني أقف هنا، لأسأل هؤلاء. نعم، أريد أن أسألك أنت يا آدم، يأيها الرجل العربي... يأيها المجتمع الذكوري... يا من حرّمت ما حلّله الخالق... أسألك سؤالاً واحداً وحيداً: لماذا؟!
ما العيب في الحب؟ و لماذا تربط يا مجتمعنا، صورة الخطيئة و الشهوة و الخزي و العار بنقاوة و صفاوة و سمو الحب؟ لماذا تلوثون صورة الحب بمعتقداتكم الرجعية؟ أو إن صح القول، القائمة على عقد نفسية؟
المشكلة فيكم. في لب تفكيركم المتلوث. ولكن لماذا تلوّث؟ ما القصة؟
لنرجع سوياً قرابة العشرين عاماً إلى الوراء. لسبب من الأسباب و العناصر الكثيرة، تم غسل دماغكم في الصغر، فتعلمتم أن الحب إشباع للشهوات. تعلمتم أن الحب، الخطيئة. ثم كبرتم. و ها هي العقد النفسية التي تحملونها قد كبرت معكم، فآل بكم الحال أن تظنوا أن الحب هو فعلاً هكذا. فما كان بكم إلا أن جزمتم أن الجميع يشارككم الرأي. أقصد العقد النفسية. ثم تحججتم بخوفكم على أعراضكم من الحب... فمنعتموه.
 
الحب. لطالما غذّته الفتاة بأحلامها و رومنسيتها و نقاوتها... حرّمه الرجل العربي لخلطه الحب بالشهوة ملوّثاً بذلك نظرته و تفكيره واعتقاده عنه.

عزيزي الرجل العربي المحترم،
إذا كنت ترى الحب خطأ، فهذا نظراً لتفكيرك الخاطئ. و إن كنت ترى الحب ملوّثاً، فهذا نظراً لتفكيرك الملوّث. نظراّ نظراّ نظراّ... جميعها نظرياتك *الخاصة*...
أرجوك استيقظ. و تقبل الواقع المرير..
قالوا لي: "نحن لا نعيش لوحدنا. نحن نعيش سوياً في مجتمع واحد... فيجب احترام معتقدات و عادات هذا المجتمع حتى و إن تعارضت تلك مع معتقداتك يا ساندي... هكذا هي الحياة."
تباً!
تباً لهكذا رضوخ و خضوع! تباً لاحترام أمور لا تحترم! تباً لاحترام أفكار أرجعت أمتنا سنيناً إلى الوراء بدلاً من تقدمها!
ولكن لحظة...

 أسوء ما في القصة لم يأتي بعد!
النفاق.
الحب، في مجتمع منافق.
قلنا أنه – الرجل العربي – حرّم الحب لخلطه إياه بالشهوة، ملوّثاً بذلك نظرته و تفكيره واعتقاده عنه...
ولكنه، يا للدهشة، أباحه لنفسه...!
أتحدى أي رجل عربي أن يأتني بتفسير لتساؤل فاطمة... و تساؤل الملايين من الفتيات العربيات أمثالها... ثم نذراً عليّ أن أتراجع عن كل حرف كتبته بل وأن أقدم اعتذاري الصادق...
تسأل فاطمة: "لماذا يضربني أخي لأنني أحببته... و لم يضرب نفسه لأنه أحبها؟"
ريثما يعثر على التفسير الذكوري العربي الأعجوبي الخرافي، فسأقول مجدداً و حتى إشعار آخر...
تباً لهكذا مجتمع منافق يبيح لذكوره و يحرّم لإناثه... تباً لمجتمع من خلف الستار.
 
 
 
 
 

هناك تعليق واحد: